" وَأَوْحَيْنَا
إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ "(52)
وأوحى الله إلى موسى عليه السلام: أَنْ سِرْ ليلًا بمن آمن من بني
إسرائيل؛ لأن فرعون وجنوده متبعوكم حتى لا يدركوكم قبل وصولكم إلى البحر.
" فَأَرْسَلَ
فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ "(53)
فأرسل فرعون جنده- حين بلغه مسير بني إسرائيل- يجمعون جيشه من مدائن
مملكته.
" إِنَّ هَؤُلَاءِ
لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ "(54)
" وَإِنَّهُمْ
لَنَا لَغَائِظُونَ "(55)
" وَإِنَّا
لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ "(56)
قال فرعون: إن بني اسرائيل الذين فرُّوا مع موسى لَطائفة حقيرة قليلة
العدد , وإنهم لمالئون صدورنا غيظًا؛ حيث خالفوا ديننا, وخرجوا بغير
إذننا, وإنا لجميع متيقظون مستعدون لهم.
"
فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ "(57)
" وَكُنُوزٍ
وَمَقَامٍ كَرِيمٍ "(58)
" كَذَلِكَ
وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ "(59)
فأخرج الله فرعون وقومه من أرض "مصر" ذات البساتين وعيون الماء وخزائن
المال والمنازل الحسان. وكما أخرجناهم , جعلنا هذه الديار من بعدهم لبني
إسرائيل.
" فَأَتْبَعُوهُمْ
مُشْرِقِينَ "(60)
فلحق فرعون وجنده موسى ومَن معه وقت شروق الشمس.
" فَلَمَّا
تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ
"(61)
فلما رأى كل واحد من الفريقين الآخر قال أصحاب موسى: إنَّ جَمْعَ فرعون
مُدْرِكنا ومهلكنا.
" قَالَ كَلَّا
إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ "(62)
قال موسى لهم: كلَّا ليس الأمر كما ذكرتم فلن تُدْرَكوا; إن معي ربي
بالنصر , سيهديني لما فيه نجاتي ونجاتكم.
" فَأَوْحَيْنَا
إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ
كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ "(63)
فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر , فضرب , فانفلق البحر إلى اثني
عشر طريقًا بعدد قبائل بني إسرائيل , فكانت كل قطعة انفصلت من البحر
كالجبل العظيم.
" وَأَزْلَفْنَا
ثَمَّ الْآخَرِينَ "(64)
" وَأَنْجَيْنَا
مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ "(65)
" ثُمَّ
أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ "(66)
وقرَّبْنا هناك فرعون وقومه حتى دخلوا البحر, وأنجينا موسى ومَن معه
أجمعين. فاستمر البحر على انفلاقه حتى عبروا إلى البر , ثم أغرقنا فرعون
ومن معه بإطباق البحر عليهم بعد أن دخلوا فيه متبعين موسى وقومه.
" إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ "(67)
إن في ذلك الذي حدث لَعبرة عجيبة دالة على قدرة الله , وما صار أكثر
أتباع فرعون مؤمنين مع هذه العلامة الباهرة.
" وَإِنَّ رَبَّكَ
لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ "(68)
وإن ربك لهو العزيز الرحيم, بعزته أهلك الكافرين المكذبين , وبرحمته
نجَّى موسى ومَن معه أجمعين.
" وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ "(69)
" إِذْ قَالَ
لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ "(70)
واقصص على الكافرين - أيها الرسول - خبر إبراهيم حين قال لأبيه وقومه: أي
شيء تعبدونه؟
" قَالُوا
نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ "(71)
قالوا: نعبد أصنامًا , فنَعْكُف على عبادتها.
" قَالَ هَلْ
يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ "(72)
" أَوْ
يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ "(73)
قال إبراهيم منبهًا على فساد مذهبهم: هل يسمعون دعاءكم إذ تدعونهم, أو
يقدِّمون لكم نفعًا إذا عبدتموهم , أو يصيبونكم بضر إذا تركتم عبادتهم؟
" قَالُوا بَلْ
وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ "(74)
قالوا: لا يكون منهم شيء من ذلك , ولكننا وجدنا آباءنا يعبدونهم,
فقلَّدناهم فيما كانوا يفعلون.
" قَالَ
أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ "(75)